القضاء العشائري
مفهوم القضاء العشائري ومدى حجيته ليس هناك مجتمع يستطيع أن يعيش بلا قانون مهما يكن نوع هذا القانون وبلا عقيدة مهما تكن تلك العقيدة وقد كان المظنون والى وقت قريب أن المجتمع البدوي يشبه السمك يأكل قويه الضعيف لكن التحقيق اثبتان هؤلاء القوم لهم أعراف وتقاليد وسوادي وأنظمة تقف سدا في وجه من يريد الاستبداد الشخصي في البداية فالمجتمع البدوي سابق للمجتمع الحضري في وجوده وإذا رجعنا إلى التاريخ أي أسرة حضرية نجد أنها انحدرت من قبيلة بدوية وهاجرت لسبب ما إلى المدن واستقرت فيها ولما كانت البداية شحيحة بالماء وبالمرعى وبالخيرات ولكون بعض القبائل والعشائر البدوية أقوى من البعض الأخر فقد فرض التناحر على القوم فرضا بحيث أصبح الغزو مصدرا أساسيا للرزق فكثر حينئذ اعتداء العشائر والقبائل بعضها على بعض فكلن لا بد لهاذا المجتمع من تنظيم .عرفت القبائل والعشائر القضاء العشائري أو القضاء عند البدو منذ زمن بعيد حيث أن هذه القبائل والعشائر كانت بعيده عن سيطرة السلطة أو النظام الحاكم فاعتمدت على العادات والأعراف والتقاليد والسوادي المبتكرة لحل منازعاتهم وفض خلافاتهم التي تفرضها طبيعة العيش في البداية وقد كان لهذه العادات والأعراف والتقاليد والسوادي تأثير كبير في المجتمع البدوي حيث لا مرجعيه قانونيه أو قضائية أو غيرها بحيث أصبحت ملزمة لجميع أفراد القبائل ولا يوجد من يخرج عليها أو يتجاوزها ألا نادرا وفي هذه الحالة يطرد الخارج على العادات من دائرة الحماية والرعاية للعشيرة وقد يهدر دمه وقد لعب القضاء العشائري دورا هاما جدا في أوساط المجتمعات العربية البدوية ولا سيما في فلسطين والأردن وسوريا ولبنان والعراق وبعض الدول العربية الأخرى وذالك عندما أصبحت السلطة للقبائل والعشائر القوية وسيطر القوي على الضعيف وذل الضعيف وانتشرت (الغزوات) القبيلة وشكلت الأحداث القبيلة كذالك وساد النهب والسلب وبدأت القبائل تحكم نفسها بنفسها وتعتمد في حل قضاياها على أعرافها وتقاليدها العشائرية الموروثة عن الأجيال السابقة لهاذا لجأت القبائل إلى القضاء العشائري لحفظ الأمن والاستقرار والمحافظة على الأرواح والأعراض والأموال وعملت بمدا الإخاء والمصالح والصفح والمسامحة عملا بالحديث الشريف ((الصلح سيد الأحكام )) كم وان القضاء العشائري يشكل جزءا من هوية العشائر الشخصية والثقافية فهو دستور اجتماعي شرعي مشروع تعترف به الجماعة وهو من القضاء المستعجل حسب فهم القانون الوضعي الحديث ويقوم القضاء العشائري على المبدأ والعادة المتبعة في حل القضايا بين الناس فقد يقيم طالب الحق حقه بداية بشكل يشعر فيه أن اعتباره يرد بهذه ألطريقه ولا احد يستطيع أن يخالفه في تقيمه لحقه في القضية المفروضيه للإصلاح ولكن جرت العادة أن يتراجع إلى الحدود المتعارف عليها والجسور التي مر غيره عليها في قضية مشابهة لقضيته .
أن القضاء العشائري هو ألسمه المميزة للمجتمع العشائري ولا سيما كبار هذا المجتمع وشيوخه وعرافة وذلك خدمة لاهتمامات العشائر واحتياجاتها وتقع مسؤولية الحفاظ على القضاء العشائري على عاتق الفرد والجماعة على حد سواء .حيث أن القضاء العشائري مجموعه من الحقوق الملزمة التي يتمتع بها الجميع والواجبات المترتبة على كل فرد عضو في الجماعة للالتزام بها
صفات القاضي العشائري
يجب أن يتوفر في القاضي العشائري الصفات الحميدة والمزايا الجيدة والخصال الطيبة ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :-
1- أن يكون تقيا نقيا ورعا ولا يخشى في قول الحق لومه لائم .
2- أن يكون من ذوي السيرة الحميدة والأخلاق العالية .
3- أن ينتمي إلى عشيرة مشهورة ومشهود لها بالقضاء العادل .
4- أن يكون ذا مكانه اجتماعيه عاليه في عشيرته والعشائر الأخرى .
5- أن يتمتع بذكاء خارق وسرعه البديهة وسعه الصدر .
6- أن يكون من عشيرة قويه ذات بأس وهيبة ورهبة واعتبار .
7- أن يكون صاحب شهامة ونخوة وكرم وإيثار.
8- أن يتمتع بالنزاهة والعفة والطهر والفراسة وقوه الشخصية .
9- أن يكون ذا خبرة واسعة والماما كاملا بالقضاء العشائري .
10- أن يكون له معرفة جيدة بالأعراف وسوادي العشائرية السائدة .
11- أن يكون لديه علم بالانتساب في أوساط العشائر .
12- أن يكون هدفه مرضاة الله وعمل الخير لوجه الله عز وجل .
واصلاح ذات البين وحجب الشر والفتنة عملا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم “الصلح جائز بين المسلمين الا صلحا حرم حلالا أو احل حراما ”
خمسة القاتل أم الجاني
نقسد بخمسة القاتل أو الجاني أقاربه حتى الدرجة الخامسة من القرابة أي هو ووالده وجده وجد والده وجد جده وكل من تفرع من والده وجده وتسمى العاقلة أو العصبة أو الحمولة التي تحمل الدم وتدفع الديه للمقتول أو تأخذ الديه من القاتل لأحد إفرادها في حالة القتل الخطأ شرعا والخطأ والعمد عرفا .
ويجب على خمسة الجاني الجلاء عن الديرة في حالة وقوع جريمة قتل أو انتهاك عرض لان الجلاء لا يجب الا في إحدى هاتين الحالتين ولا سيما اذا كانت ديار الجاني والمجني عليه قريبة من بعضها البعض وذلك ليبتعدوا عن أنظار ذوي المجني عليه خوفا من الثأر والانتقام واتساع الفتنه والدمار ويجب أن يكون الجلاء إلى ديره عشيرة أخرى محايدة لا يربطها بالعشيرتين اللتين وقع القتل بينهما أية رابطة نسب أو معاهدة أو حلف قبلي . وقد تكلف هذه العشيرة أو غيرها باتخاذ العوايد والسوادي المتبعة بين العشائر في مثل هذه الحالة وقد تقوم هذه العشيرة بالمشاركة بتشييع جنازة القتيل وتعزية ذويه والمجابرة والمواسة ثم طلب العطرة العشائرية السائدة بين العشائر ومدتها ثلاثة أيام وثلث اليوم وتسمى العطرة (المهربات المسربات ) أي أن العشيرة التي توكلت باتخاذ مراسيم العطرة عطوة فورة الدم تقوم بسوق حلال العشيرة المطرودة والحمولة التي يكون الجاني من أبنائها كما تقوم بنقل متاعها إلى مكان جلائهم للحفاظ عليه من الاعتداء أو الحرق أو النهب أو التدمير أو الخراب أو العقر ومن المحتمل أن يكون سند هذا الإجراء الحديث النبوي الشريف :”لا يحل لمسلم هجر أخيه فوق ثلاثة أيام “أو :”لا يحل لامرئ الحداد على ميت فوق ثلاثة أيام إلى زوج أربعه أشهر وعشرة ” وتقوم العشيرة التي تولت اخذ عطوة فورة الدم وهي ثلاثة أيام وثلث وبعد انقضائها تقوم بأخذ عطوة جديدة عطوة أصليه لا تقل مدتها عن سنه أو نصف ألسنه ثم يجري ترتيب إرجاع من هم بالدرجة الخامسة من القرابة بالنسبة للجاني إلى ديارهم حيث لا ينطبق عليهم الجلاء لكونهم خرجوا من دائرة خمسة الجاني سواء تم إعلان عن خروجهم في احد بيوت الشيوخ أو لم يتم أما أقارب الجاني من الدرجة لرابعة فيحق لهم الرجوع إلى ديارهم على أن يدفعوا غرامه الرجوع وهي ما يسمى (بعير النوم ) أي جمل أو ثمنه ليحق لهم العودة والنوم بأمان وهذا الإجراء يعمل على تضيق دائرة الجاني وذويه حتى الدرجة الثالثة حيث أن على أي من كان من الدرجة الرابعة و الخامسة من قرابة الجاني أن يجلو خوفا من الثأر والانتقام لان ساعة وقوع الجريمة تسمى (ساعة أحزان ورغوة أذهان ) أي أن ذوي المجني عليه لا يلامون أن انتقموا أو ثاروا ممن هو قريب منهم لأنهم في وضع لا يسمح لهم بالتميز بين من هو قريب الجاني أو بعيد عنه من شدة ثأرهم وهول حزنهم علي المجني علية .
كما وقد يقدمون على قتل أي إنسان مهما كانت درجة قرابته للجاني مما جعل العوايد تفرض على ذوي الدرجة الخامسة والرابعة من قرابة الجاني أن يجلو كإجراء وقائي مؤقت حتى تنجلي الحقيقة ويعرف الجاني ومنهم من يكون ضمن دائرة الثأر ويبقى ذوو الجاني من الجد الأول والثاني والثالث في مجالهم حتى تتم مراسيم الصلح والطيب .
وتشمل عمليه الإجلاء الرجال حملت السلاح فقط وقد تبقى النساء والأطفال ولا احد يتعرض لهم من ذوي المجني عليه وهناك عرف سائر بين العشائر بأن الخمس أي خمس الجاني تشبه اصابع اليد القابضة على السلاح اليد اليمنى عندما تكون ممسكه بمقبض السيف او الشبرية أو المسدس أو البندقية فالعد يبدأ بان ترفع الأصابع واحد تلو الأخر مبتدأ بالخنصر حتى يسقط السلاح على الأرض بمعنى أن القابض على السلاح لم يعد مكلفا بالمسؤولية عن الجريمة التي حصلت وان المسؤولية سقطت عنه ولا يسقط السلاح ألا برفع الاصبع الخامس عندما يكون ممسكا مع الاصبع الرابع عن السلاح فالخامس معفي من التكليف والرابع موضع شبهة يترتب عليه الغرامة حتى يتم إعفاءه من مسؤولية الجريمة بتقديم بعير النوم أي جمل أو ثمنه حتى يرجع إلى ديرتة من مجلاه وللأسف أن العرف العشائري لا يميز بين أن يكون القتل عمدا أو خطا في أكثر الأحيان ألا أذا كانت ظروف الجريمة واضحة لا لبس فيها وهنا نجد مخالفه للشرع عندما تتحمل حمولته المسؤولية في كلتا الحالتين في حين يحصل الشرع الإسلامي مسؤولية الدم في حالة قتل العمد بالجاني ولا يشاركه احد من عائلته أو حمولته فيه . ويعتمد العرف العشائري على قواعد عشائرية سارية مثل : (كل صغير له كبير ) و( كل جاهل له عاقل ) و( المتسبب خسار ) و (اليد ما منها سلامة) و( الدم ما بصير مية ) ويشترك في دفع الدية أو أخذها جميع أبناء العائلة أي الحمولة الذكور أو حملة السلاح .
وقد جرى في العرف العشائري في حالة البراءة من الدم أو تبييض العرض أن يطلب القسم أو اليمين على كتاب الله العزيز من المتهم تزكية خمسة من أقارب المتهم ليمينه من الدرجة الأولى والثانية والثالثة وأحيانا تقبل زكاة من هم من الدرجة والخامسة ممن يشهد لهم بالتقى والصلاح .
الأشخاص التي لا تقبل شهادتهم في العرف العشائري عند البدو وهم
1- شارد الثلاثة
2- خاين معزيه
3- الهارب عن رفيقه في المعركة
4- اللايذ على قصيرته
5- المدنس لشرف جارته
6- يابس الجلد مقطوع الولد
7- الامنيل الفار من المعركة مع وجود من يثرن حماسه من البنات
8- طارد الضيف خائن مأمنه الذي يغدر بمن أمنه
9- غضيب الوالدين
10- الخابر الصابر (من يرى الخنى على محارمه ويسكت عليه )
11- الفاغم (الدال على عورات قومه )
12- مواكل امرأته
13- المأبون (( زوج الأختين ))
14- الخنثى
15- المرأة
16- الفلاح لا تقبل شهادته وتشمل كل الحضر
17- راعي الشوفة القريبة السارق لعشيرته أو أحلافه
18- اثبر خاثن ضيفه مفسد جارته ومتستر على عيوبه ومحارمه