تاريخ الموت الاسود,,,الطاعون الاسود
صفحة 1 من اصل 1
30032011
تاريخ الموت الاسود,,,الطاعون الاسود
تاريخ الموت الاسود .. الطاعون الاسود
سمي بأسماء عديدة ولكنها مرعبة، فهو تارة يسمى بالموت الأسود، وتارة أخرى بالطاعون الأسود، لنتأمل كيف أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بهذا الوباء القاتل.
ي مرض الطاعون كابوساً مرعباً في الذاكرة الجماعية للجنس البشري، فلم يحصد مرضٌ عدداً من البشر مثل الطاعون، فهو الذي قوض دولاً بكاملها، وأفنى شعوباً بأسرها، ومسح مدناً من وجه الأرض، وصدع حضارات عظيمة، وبقي الناس يتذكرونه وهم يرتجفون من هول الفزع، وحَسِب الناس أن هذا المرض المرعب أصبح في كتب التاريخ نسياً منسياً، ولكن أحداث الهند الأخيرة حملت معها نبأ قيام هذا الغول من مرقده التاريخي، في وقت تحولت فيه الكرة الأرضية إلى قرية صغيرة تنتشر فيها الأخبار بسرعة الضوء ويسافر فيه الناس قريباً من سرعة الصوت. والآن ما المرعب في هذا المرض؟ ما هي قصته التاريخية؟ ما هي إنجازات الطب في التصدي له؟ بل ما هي فلسفة انتشار المرض عموماً؟ ولماذا تقفز أمراض إلى الواجهة بعد أن لم تكن شيئاً مذكوراً مثل الأمراض الجنسية في الإفرنجي والإيدز؟! دعنا نتأمل المرض خارج حلقة التهويل ودائرة الفزع،
الطاعون Plague مرض بكتيري معدي حاد ويُعد من مجموعة الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان.
ويُصنف كأحد الأمراض المحجرية الخطيرة التي تسبب أوبئة في حالة عدم السيطرة عليها.
الميكروب المسبب للمرض
فترة حضانة البكتيريا تتراوح مابين 1 - 7 أيام في حالة الطاعون الدملي والتسممي ،و مابين 2 - 4 أيام في حالة الطاعون الرئوي.
مصادر العدوى وطرق انتقالها :
ينقسم مرض الطاعون إلى ثلاثة أقسام أو ثلاثة أنواع تختلف طرق انتقالها وانتشارها من نوع إلى آخر:الطاعون الدملي
هو أكثر الأنواع حدوثا ً، ينتقل المرض بين القوارض كالفئران ، حيث ينتقل فيما بينها بواسطة البراغيث التي تسبب لها الوفاة ، وعند حدوث الأوبئة تنتقل هذه البراغيث من أجسام القوارض الميتة وتهاجم جسم الإنسان لتتغذى على دمه ، وتصبح معدية لعدة أشهر لاحقة.
أكثر أنواع الطاعون خطورة لسهولة إنتقاله وانتشاره بين المخالطين للمريض خاصة في الظروف المناخية و البيئة الغير الصحية ، ينتقل عن طريق فضلات الشخص المريض إلى الشخص السليم.الطاعون التسممي
يشبه هذا النوع الطاعون الدملي في طرق انتقاله ، حيث ينتقل المرض بواسطة البراغيث من القوارض إلى الإنسان.
في القرن الرابع عشر في عام 1347 بدأ مرض جديد لم يكن منتشراً من قبل هو مرض الطاعون، بدأ بالانتشار في جنوب آسيا والصين وقتل أكثر من 75 مليون شخص وانتقل إلى أوربا، وقتل وقتها ثلثي سكان أوربا، وسمي بالموت الأسود .
ومع بداية عصر النهضة في أوربا بدأت ظاهرة الفساد الأخلاقي بالتفشي أكثر فأكثر، وبدأ الناس في دول الغرب يجاهرون بالمعاصي بشكل غير مسبوق، وكان ذلك في القرن السابع عشر الميلادي. ولذلك وبسبب كثرة الزنا والشذوذ الجنسي بدأ مرض الطاعون بالانتشار في مختلف أنحاء أوربا.
وبالطبع لا يمكن مقارنة ذلك العصر بما تعيشه اليوم أوربا من فساد أخلاقي، ولكن بدايات تفشي الفواحش بدأت مع القرن السابع عشر بسبب توافر أماكن خاصة للدعارة وانتشارها في أنحاء متفرقة من أوربا.
لقد كان هذا المرض إنذاراً إلهياً مرعباً، فقد أحدث خللاً كبيراً في حياة البشر، وفوضى لم يسبق لها مثيل من قبل.
ؤكد العديد من علماء الغرب أنفسهم أن انتشار مرض الطاعون والذي حصد أكثر من عشرين مليون إنسان خلال أسابيع قليلة، يؤكدون أن هذا المرض إنما هو عقاب من الله بسبب فساد الأخلاق وتفشي الفواحش، ونؤكد عزيزي القارئ أن هذا كلامهم أنفسهم [1].
ويسبب الطاعون ألماً شديداً وحمى وورماً في الغدد اللمفاوية، ويسبب هذا المرض بقعاً حمراء على الجلد ثم تتجول إلى بقع سوداء مخيفة. ويشعر مريض الطاعون بالصداع والبرد في الأطراف، وتسرع في ضربات القلب، ثم يحدث نزيف تحت جلدي، ويسبب لطخات على الجلد، ثم يبدأ الجهاز العصبي بالانهيار، وتبدأ بعد ذلك الاضطرابات العصبية الغريبة والتي يتمايل منها المريض وكأنه يرقص رقصة الموت! وخلال عدة أيام يكون الجلد قد اسود وفارق المريض الحياة.
يقول الدكتور خالص الجلبى :
نت في زيارة لمتحف اللوفر بباريس مع صديق لي، وفي إحدى القاعات جمدنا أمام لوحة ضخمة جداً، رائعة الجمال، بديعة الألوان، لمرضى يموتون في شر حال وأسوء مصير، وعندما ازددنا فيها تحديقاً هتف زميلي الدكتور نبيل قائلاً: إنه الموت الأسود (الطاعون)LAGUE كانت اللوحة أكثر من رائعة، تجلت فيها عبقرية الرسام بألوانٍ ثابتة لم تؤثر فيها بعد يد الزمن، تناثر فيها مرضى (الطاعون) في قاعة كبيرة بين مفارق للحياة وآخر مستسلم لمصيره ينازع في سكرات الموت مربد الوجه قاتم الجلد من معاناة (الموت الأسود)، وثالث شاحب الوجه ممتقع القسمات مدَّ يده يطلب العون وما من معين!! في حين وقف القائد الفرنسي (نابليون بونابرت) بين جنوده في مستشفى (يافا) مقطب الجبين، عابس الوجه، خائر القوى، قد ركبه الهم وعلاه الإحباط واستولى عليه اليأس.
دمر الطاعون دولاً وأباد شعوباً ونكس حضارات وهزم وحده حملات عسكرية جبارة يقودها عسكريون محنكون لم تنفعهم حنكتهم في مواجهة هذا (الجنرال) المخيف .. الموت الأسود (الطاعون)!!
يتميز مرض الطاعون بظهور الأعراض العامة للإصابة بالبكتيريا وكذلك أعراض مميزة لكل نوع من أنواعه الثلاثة، أما الأعراض العامه فتتمثل في ارتفاع درجة الحرارة ، الإعياء الشديد ، الرجفة ، آلام العضلات والمفاصل ، الغثيان وآلام الحلق والبلعوم ، اضطرابات ذهنية وغيبوبة
تم عرض خارطة تفصيلية في كتاب (انسكلوبيديا تاريخ العالم) عن الطريق الذي سلكه الطاعون أثناء انتشاره في أوروبا وتمت الإشارة إلى أن زناد الحريق الأول بدأ من شبه جزيرة القرم!! فما الذي حدث في ذلك التاريخ من مطلع عام 1347م؟؟
بدأ المرض مثل بؤر الزلزال الأرضي وحلقات التصدع في القشرة الأرضية يتحرك مع حركات السفن والموانئ وتكاثر الجرذان في أقبية السفن المتحركة، إلى مدن أوربا القذرة التي لا تعرف نظام التصريف الصحي، ولا نظام الحمامات الإسلامية ولا الوضوء ولا الاستحمام بل كانت تلجأ إلى إغلاق الحمامات!!
دمر الطاعون دولاً وأباد شعوباً ونكس حضارات وهزم وحده حملات عسكرية جبارة يقودها عسكريون محنكون لم تنفعهم حنكتهم في مواجهة هذا (الجنرال) المخيف .. الموت الأسود (الطاعون)!! وقف (الجزاَّر) حاكم عكا من فوق أسوار مدينته يضحك ملء شدقيه على نابليون وهو يجرجر ذيول الهزيمة، بعد أن كان يطمح في تناول لؤلؤة الشرق بيده (القسطنطينية) فنابليون كان يرى أن (استانبول) تصلح أن تكون عاصمة العالم الذي يطمع أن يعتلي عرشه، هذه المرة كان الجنرال (طاعون) بجانب حاكم عكا (الجزار) كما كان الجنرال (شتاء) بجانب الروس في هزيمة نابليون على أبواب موسكو بعد ذلك بثلاثة عشر عاماً (عام 1812م) يخبرنا التاريخ أن بونابرت بعد أن استولى على مصر في نهاية القرن الثامن عشر (1798م) تحرك نحو بلاد الشام في حملة عسكرية جديدة فاستولى على يافا وتابع طريقه إلى عكا، حيث حاصرها شهرين بدون جدوى ثم بدأ الطاعون يفتك بجيشه العرمرم فولى مدبراً ولم يعقب، وتنقل لنا كتب التاريخ هذه الفقرة: (( وجاء الجيش الفرنسوي إلى بلاد الشام بجراثيم الطاعون فانتشرت فيها واستفحل أمرها في حصار يافا .. ووصل بونابرت في 16 مارس (1799م) إلى مدينة عكا فلقي فيها مقاومة شديدة لم يكن يتوقعها، وجرح الجنرال (كافارلي) جرحاً مميتاً فطلب قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة أن تتلى على مسامعه المقدمة التي كتبها (فولتير) لكتاب (روح الشرائع) فاستغرب القائد الأكبر هذا الطلب .. وبعد حصار دام شهرين رأى بونابرت عدد جيشه يقل شيئاً فشيئاً من جراء اشتداد الطاعون عليه وفتكه به فتكاً ذريعاً .. حينئذ صمم على العودة إلى مصر بعد أن تقلص ظل المقاصد الواسعة التي كانت تجول في فناء جنانه، وتدور رحاها على قطب الشؤون الشرقية وتجعله يتنقل بالفكر من ضفاف السند إلى شواطئ البوسفور وقد قال فيما بعد: (( لو سقطت عكا لغيرتُ وجه العالم، فقد كان حظ الشرق محصوراً في هذه المدينة الصغيرة)) وفي 20 مايو صدر الأمر بالانسحاب، ووصلوا إلى يافا في 24 منه فكانت المستشفيات فيها تغص بالمرضى حيث كانت الحمى الوبيلة تحصدهم حصداً، فعادهم القائد الأكبر متفقداً أحوالهم، وقد بلغ التأثر منه حين شاهد ما صاروا إليه وما كانوا يشعرون به من العذاب .. وشاور بونابرت أصحابه في الأمر فقالوا له إن كثيرين منهم يطلبون الموت بإلحاح وأن مخالطتهم للجيش تكون وخيمة التبعة عليه وأن الحكمة والمحبة تقضيان بالإجهاز عليهم وتعجيل وفاتهم ساعات، وذكر بعضهم أنهم جرعوهم شراباً عجل موتهم. كان الجندي من حملة نابليون يتساقط من الضعف والإعياء وهو الشاب القوي الجلد الذي دخل مع بونابرت معارك لا تحصى، يسقط من عدو مجهول لا يراه ولكنه يشعر أنه دخل في دمه وعظامه وتمكن منه أيما تمكن!! كان يسقط وبسرعة صريعاً لليدين والجنب ؛ يغلي من الحرارة، في حالة هذيان من التسمم الدموي الرهيب، زائغ النظرات متشنج الأطراف مربد الوجه مكفهر القسمات يزحف إليه الموت بسرعة، ينفث قشعاً مملوءً بالدم، قد تغطى جلده بآفات نمشية وكدمات حولته إلى لون قاتم مسود ومن هنا جاء وصف الطاعون بـ (الموت الأسود)، فكأن ملك الموت جاءه يصبغه بالقار قبل قبض روحه! هكذا مات الملايين من البشر في أبأس وأشنع موتة عرفها الإنسان، وهذا يعلمنا حكمة الحياة: إن الحياة جميلة جداً ولكن الطبيعة تسحق الفرد بدون أن تبالي بنفس القدر من الحرص على المحافظة على النوع. إن هناك علاقة جدلية بين التاريخ والمرض، فكما تتفشى الأمراض مع الحملات العسكرية والحروب المجنونة، فإن انتشار الأمراض يصنع التاريخ بدوره، فيقود إلى النكسات العسكرية وتوقف الحملات الحربية على النحو الذي رأينا في حملة نابليون بونابرت، بل يقود إلى خلخلة الإمبراطوريات وتصدع الحضارات، وهو الذي لاحظه ابن خلدون حين كتب يؤرخ لسقوط الحضارة الإسلامية، وترافقه مع انتشار الطاعون الذي نزل في منتصف المائة الثامنة فتحيف الأمم وذهب بأهل الجيل، وجاء للدول فقلص من ظلها وأوهن سلطانها وتداعت إلى التلاشي: ((هذا إلى ما نزل بالعمران شرقاً وغرباً في منتصف هذه المائة الثامنة من الطاعون الجارف الذي تحيف الأمم وذهب بأهل الجيل وطوى كثيراً من محاسن العمران ومحاها، وجاء للدول على حين هرمها وبلوغ الغاية من مداها فقلص من ظلالها وفل من حدها وأوهن من سلطانها وتداعت إلى التلاشي والاضمحلال أموالها، وانتقص عمران الأرض بانتقاص البشر فخربت الأمصار والمصانع ودرست السبل والمعالم وخلت الديار والمنازل وضعفت الدول والقبائل وتبدل الساكن وكأني بالمشرق قد نزل به مثل ما نزل بالمغرب لكن على نسبته ومقدار عمرانه، وكأنما نادى لسان الكون في العالم بالخمول والانقباض فبادر بالإجابة، والله وارث الأرض ومن عليها وإذا تبدلت الأحوال جملةً فكأنما تبدل الخلق من أصله وتحول العالم بأسره وكأنه خلق جديد ونشأة مستأنفة وعالم محدث)) كان المرض المرعب يأتي بهجمات مزلزلة عبر التاريخ، ويعشش لعشرات السنوات، فيمسح مدناً بكاملها من خريطة الوجود، ثم يغيب في بطن التاريخ مرة أخرى، فلا يعرف الناس كيف جاء ولا كيف ولى وانقشع ظله الرهيب!!.جاء في كتاب قصة الحضارة لويل ديورانت تحت عنوان الموت الأسود ما يلي: ((ووباء الطاعون حدث مألوف في تاريخ العصور الوسطى، فقد أزعج أوربا اثنتين وثلاثين سنة من القرن الرابع عشر وإحدى وأربعين سنة من الخامس عشر، وثلاثين سنة من السادس عشر وهكذا تعاونت الطبيعة وجهل الإنسان ... ولعله جاء مباشرة من الشرق الأدنى بواسطة الجرذان الشرقية التي ترسو على مرسيليا وذهبت رواية غير محققة في ناربون إلى أن ثلاثين ألف ماتوا في هذا الوباء، وفي باريس خمسين ألفاً، وفي أوربا خمسة وعشرين مليوناً، وربما كان المجموع (ربع سكان العالم المتحضر) وعجزت مهنة الطب أمامه فلم تكن تعلم سبب المرض .. وأضعفت شدة الألم والمأساة عقول الكثيرين فأدت إلى أمراض عصبية معدية، ويبدو أن جماعات بأسرها قد جُنت مثل (الفلاجلان) الذين ساروا عام 1349م كما فعلوا في القرن الثالث عشر في طرقات المدينة عراة أو يكادون يضربون أنفسهم في ندم .. واستمع أناس بانتباه أكثر من المألوف إلى قراء الأفكار ومفسري الأحلام والعرافين والدجالين وغيرهم من المشعوذين، وضعفت العقيدة الصحيحة وانتشرت الخرافة، وأرجع حدوث الطاعون إلى أسباب عجيبة، فنسبه بعضهم إلى اتصال في غير أوانه بين زحل والمشتري والمريخ، وآخرون إلى تسميم المجذومين أو اليهود للآبار فَقُتل اليهود في حوالي خمسين مدينة )) .
ويبقى عام 1347م هذا المرض في الذاكرة الجماعية للتاريخ الإنساني شيئاً مخيفاً حقاً عندما نتصور سكان أوربا في حدود 80 إلى 100 مليون نسمة فيقضي نحبهم حوالي الثلث أو الربع، وتتصحر أوربا عملياً، بل وتعاني من إمكانية نقل التراث المعرفي للأجيال القادمة، وتحتاج إلى ما يزيد على مائتي عام كي تسترد عافيتها وعددها السكاني!!
من أين جاء هذا الوباء المخيف؟؟ كيف تولد ونشأ؟؟ هل من حادثة أيقظته؟؟ أو حرب أثارت حفيظته فقام يفتك بالناس؟؟ كيف انتشر كل هذا الانتشار في المعمورة يحصد أرواح الناس بمنجل لا يعرف الرحمة وكأن الناس في موعد مع حصاد هذا العالم؟!!
تم عرض خارطة تفصيلية في كتاب (انسكلوبيديا تاريخ العالم) عن الطريق الذي سلكه الطاعون أثناء انتشاره في أوروبا وتمت الإشارة إلى أن زناد الحريق الأول بدأ من شبه جزيرة القرم!! فما الذي حدث في ذلك التاريخ من مطلع عام 1347م؟؟
هناك في القرم حصلت معركة سخيفة بين التتار وقلعة تحصن بها جماعة من أهل البندقية الذين أسسوا مستعمرات لهم خارج إيطاليا، وتفشى الطاعون في التتار المحاصِرين فاعتراهم الغضب، فقاموا بشن أول حرب ( بكتريولوجية ) ربما في التاريخ الإنساني، حيث رموا بالمنجنيقات هذه المرة ليس الصخور والحجارة؛ بل الجثث المتعفنة المصابة بالطاعون؟!! فأصيب البنادقة بالرعب مرتين الأولى من مفاجأة الجثث وهي تتساقط على رؤوسهم والثانية من رائحة الموت المتفشية مع الطاعون، ففروا على وجوههم بسفنهم يحملون الموت إلى كل المرافئ التي وصلوها، وبذلك نشروا المرض في كل أوربا، فلم ينته عام 1352 م إلا وكانت مدن أوربا من البندقية وفرانكفورت وباريس ولندن وكراكاكو والدانمارك والنرويج قد طمها البلاء وقوضتها المصيبة، والطاعون ليس أكثر من مرض (الرشح) الذي ينتقل عن طريق التنفس والعطاس والسعال البسيط من الإنسان إلى الآخر، ولكنه يحمل الموت في أيام قليلة!!
وكما حملت السفن جرذانها، فإن الجرذان حملت في ظهورها البراغيث اللعينة، التي تحمل بدورها في دمها العصيات الغليظة مدورة الطرفين مسببة المرض والتي لا ترى إلا بالمجاهر مكبرةً آلاف المرات، والتي لم تكن لا أوربا ولا العالم قد سمع بها، وكان على العالم أن ينتظر طويلاً كي يبدأ الهولندي (لوفنهوك) بائع القماش صقل عدساته لرؤية العالم السفلي تحت أقدامنا، ولنكتشف القارة المجهولة التي تحيط بنا من كل صوب أقرب من حبل الوريد ولكن لا نبصرها. بل كان أمام العالم أن ينتظر كل القفزة العلمية الحديثة، فالموضوع ليس مجاهر تكبر فقط بل تقدم كامل في تقنيات حضارية متضافرة لإنجاز علم الحضارة الحالية.
ومع استفحال المرض تدفق المشعوذون من كل حدب وصوب واخترعت مئات الوصفات التي تزعم الشفاء من المرض، فلم يترك شيء غريب ومستهجن إلا وجرب للخلاص من هذا المرض الذي دخل الدم والأحشاء والعظام. كل أنواع النباتات والطحالب، نقيع لحاء الشجر، القذر والعذرة، غطس المرضى في دماء العجول المذبوحة، كتابة الرقي للأرواح والنجوم والكواكب، استخدام علم الفلك والجن والأرواح والأشباح، الفصادة والحجامة، الدوش البارد والساخن، مركبات اليود والبزموت والزرنيخ والزئبق، ضمادات الخردل والحشيش والأفيون، الحقن والزرع، وباختصار لم تبق مادة مشكوكة إلا وجربت ولا عصير أو مستقطر أو محلول أو نقاعة أو خلاصة أو مزيج إلا واستخدم للخلاص من هذا المرض الذي يسري في جسد ابن آدم مسرى الدم، واليوم يمكن السيطرة عليه بجرعة من السولفا أو الستربتومايسين أو التتراسيكلين الخ .. ولكن هذه المركبات هي عصارة أرضية رهيبة من التقنيات والتراكم العلمي .
لم يكن مرض الطاعون هو الوحيد في معركة الإنسان ضد الأمراض في التاريخ، فسلسلة الأمراض في هذا الموضوع لا تنتهي، بين الجذام الذي كان يفضي بصاحبه إلى الإعدام الاجتماعي، من خلال مزرعة عزل بشرية، أو الكوليرا التي كانت تنقل إلى المقابر آلاف الجثث في هامبورغ في نهاية القرن التاسع عشر، أو مرض الزهري (SYPHILIS مرض الحب الفرنسي) الذي عصف بالبشرية ما يزيد على أربعة قرون بدون معرفة المتسبب الأساسي في هذا المرض، وبالطبع كانت الأرواح والكواكب متهمة في إحداث هذا المرض، حتى كشف الغطاء أمام عيني ( شاودين ) في مطلع هذا القرن، ومن خلال تطوير المخبر والمجهر، الذي هو بدوره حصيلة القفزة العلمية برمتها، حيث رأى تلك (البريميات - اللولبيات الشاحبة) والتي تشبه حبل المعكرون الملفوف أو السلك الملفوف لفتح أغطية وسدادات الأوعية الزجاجية، ثم المثير في الوصول إلى الدواء من خلال رحلة رهيبة لا تصدق لاكتشاف الدواء النوعي الذي يخلص البدن من الجرثوم ولا يفعل للجسم شيئاً، كما حصل مع (باول ايلريش) في 606 من المحاولات كي يلوى مركب (الزرنيخ) حتى يصبح شافيا ًوبجرعة واحدة (مركب السلفارسان) وعندما أعطي اسمه (606) كان رمزاً للمحاولات المئوية المكررة قبل الوصول إلى الرصاصة السحرية لقتل الجرثوم!!
ان مرض الطاعون ( PEST) الذي يطل علينا بقرنه اليوم من القارة الهندية يعطينا حزمة من الحكم والأفكار والتأملات:
1- تقول الفكرة الأولى: إن هذا المقالة لا تستهدف الترويع، كما لا تبغي الاستخفاف، كل ما تريده وضع المرض في إطاره الطبيعي والتاريخي والإمراضي، بل والثقافي الحضاري، فهي إذن لم تكتب للأطباء والمتخصصين في المخابر أو المتبحرين في علوم المناعيات وجراحة الكروموسومات وفصائل الجراثيم وقبائل الفيروسات، بل هي كتبت بالدرجة الأولى من المنظور الثقافي والفلسفي ورفع مستوى الوعي. في مدى خطر هذا المرض ومعنى انتشاره بعد أن خاله الناس جميعاً أنه أصبح في ذمة التاريخ يرقد في بطون الكتب. وبالطبع يفتح هذا الباب أمام فلسفة انتشار المرض ويقظته من رقاده بعد كل هذا الهجوع عبر القرون، فإذا به مثل (دراكولا) ينهض شبحاً يمتص دماء ضحاياه ليحولهم إلى أشباهه (11) .
2- وتقول الفكرة الثانية: إن بعض الناس لا يتصورون طبيعة الحياة الشاقة التي كان الناس يحيوها فيما مضى، بل ويعشق بعضهم فيما لو أتيحت له (آلة الزمان) أن يدخل التاريخ، ليعيش حقبة يهواها؟! لنتأمل ذلك: لنتصور أن صاحبنا دخل فترة منتصف القرن الرابع عشر الميلادي حيث الطاعون يقصف الأرواح ولا أثر لصاد حيوي بسيط!! صداع بسيط بدون حبة أسبرين واحدة!! رائحة المدن القذرة بدون نظام التصريف الصحي!! مدن مظلمة في الليل بدون أبسط إضاءة!! المرأة تغسل بيدها كل شيء وبمواد تنظيف لا تكاد تذكر!! سفر طويل مرهق لأقرب مدينة يعلو الإنسان فيها الغبار والإنهاك وطرق محاطة باللصوص وقطاع الطرق!! تبتر الأطراف المصابة بضرب الإنسان على رأسه حتى يدوخ ثم تبدأ عملية القطع المرعبة ليتلوها بعد ذلك الكوي بالزيت المغلي!! (كان اكتشاف امبروز باريه طريقة الزهراوي في ربط الأوعية بدون غطس الطرف في الزيت المغلي تخفيفاً كبيراً ونصراً طبياً مبيناً)، التهاب الزائدة الدودية معناه الموت غالباً، وموت الأم الحامل مع جنينها أمر مكرر، شوارع موحلة وثياب ليس فيها رائحة الأناقة، وطرق موحشة.
هل لنا أن نتصور العكس أي لو أرسلنا صاحبنا إلى المستقبل أو لو أتينا بفرد من الماضي من أيام الطاعون ليُعافى بحقنة من صاد حيوي بسيط رخيص الثمن متوفر في أصغر صيدلية في قرية نائية!! إن صاحبنا لو ذهب إلى المستقبل فلن يعود لأنه سيعيش مع عالم خال من الحروب والمجاعات والاضطهاد يحقق الإنسان فيه ذاته وينسجم مع أخيه الإنسان.
3- وتقول الفكرة الثالثة : إذا كان الجرثوم ينتقل عن طريق التنفس على الشكل الذي سمعناه وهو شكل في منتهى الخطر وقاتل، فإن هناك طاعون اجتماعي لا يقل في خطره وينتقل أيضاً عن طريق الجهاز التنفسي، فكما انتقل هذا المرض PLAGUE عن طريق الرذاذ التنفسي، فإن الطاعون الاجتماعي ينتقل من الحبال الصوتية عبر الموجات الصوتية، الأول يستهدف الجهاز التنفسي، والثاني يتمركز في الجهاز الواعي العقلاني، الأول يدمر الصحة البيولوجية، والثاني يدمر الصحة النفسانية، الأول وحداته (عصيات يرسين) الغليظة سلبية التلوين والثاني (وحداته) الفكرة الضارة، الأول سهل بسيط بسبب أحادية المسبب، والثاني خطير أخطر من الفيروس الذي يتقلب في أنواعه بسبب تنوع أفكار التدمير، الأول سهل الكشف كما وصل إليه العالم( يرسين) و(كيتازاتو) والثاني صعب الكشف بل لا يطلب المصاب فيه إلى الكشف عنه لعدم شعوره أنه مريض؟! بل إن أعظم تحدٍ يواجه الإنسان ليس عالم (البيولوجيا) بل عالم (السيكولوجيا) لنوعية قوانينه التي لم يتوجه الاهتمام الإنساني بعد لاكتشاف ديناميكيتها، وإلا فكيف نقارن بين رؤية جرثوم تحت المجهر ورؤية طيف الحسد مثلاً، هل يمكن يا ترى لأي جهاز راصد أن يقيس لنا ( الطيف اللوني ) للحسد مثلاً، أو مدى توتر ذبذاته، أو كم وزنه، أو ما هي موجاته في الدماغ وكذلك الكبرياء والكذب والنفاق وحب الظهور والزعامة والانتفاخ المغرور، وهذا يوصلنا إلى أن (الطاعون الاجتماعي) أصعب في الضبط، وأفظع في الانتشار، وأرهب في الإصابة، وإلا ما معنى اغتصاب خمسين ألف امرأة في البوسنة بمن فيهن طفلة السبع سنوات وعجوز السبعين؟ ما معنى إبادة حضارة الأزتيك والمايا والإنكا؟ ما معنى ذبح مليون إنسان في راوندا؟ ما معنى تدمير كابول بأيدي أبنائها؟ أليس كل هذا مؤشرات لـ (طواعين) اجتماعية ؟؟
4- وتقول الفكرة الرابعة: إن القذارة مصدر العلل أياً كانت هذه القذارة، بيولوجية أم نفسية أم اجتماعية!! والقرآن أشار إلى كل هذه الانحرافات المهلكة، فطلب نظافة الثوب والبدن (وثيابك فطهر) وطهارة القلب والمسلك (وذروا ظاهر الإثم وباطنه) ونظافة المجتمع من الفساد (أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض)، واعتبر القذارة الاجتماعية سبب تدمير المجتمعات الداخلي (وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة)، وهذا يعني جهداً متواصلاً للحفاظ على وسط الطهارة، فالحياة تقوم على (وضع ديناميكي متحرك) وليس (وضع استاتيكي جامد)، الحياة تقوم على مبدأ (الصيرورة والتطور) وليس مبدأ (التوقف والجمود والتحنط)، فمع الموت تقف الحياة عن التشكل وإمكانياتها عن المتابعة، وهكذا على الإنسان أن يعيش في جو نظيف في كل مستوى، بالنظافة الدائمة لثوبه بالغسل، وبدنه بالحمام، وروحه بالصلاة وبالتنمية الجدلية للنقد الذاتي، ومجتمعه بالوعي المتقد والسلوك الرشيد والقدوة الحسنة وتفشي روح السلامية والحوار المثمر، والثقة بأن الكلمة كائن حي مؤثر، فيها قوة الاندفاع الذاتية في قدرة الإصلاح الاجتماعي.
5- وتقول الفكرة الخامسة: إن الكون الذي نعيش فيه تنتظمه قوانينه النوعية بدءاً من الذرة وانتهاء بالمجرة، فهي في مستوى البيولوجيا الجراثيم والأمراض والتوازن الهورموني والاستتباب المعدني والإحكام الفيتاميني، وهو في مستوى الذرة (ميكانيكا الكم)، وفي عالم المجرات (النسبية)، وفي النظام الشمسي قانون (الجاذبية والكهرطيسية)، وهكذا تمسك القوانين النوعية وجودنا بإحكام، فالإرادة الإلهية أقامت الكون على (النظام) و(البرمجة) و(الغائية) و(الجمال) و(الحق) (إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا)، ولم يكن الكون يخضع لـ (الصدفة) أو (الضرورة) أو(العبثية) أو(الفوضى). وإذا كان الأمر كذلك فإن الجاهل يدفع (فاتورة) المخالفات، فالتقي سوف تتحطم عظامه حين يسقط من شاهق مهما كان تقواه، والهنود سوف ينتشر عندهم (الطاعون) بسبب تفشي القذارة، ودفع الأوربيون ثمن الإباحية سابقاً في مرض الزهري والعقبول، ويدفعونها مع الأفارقة اليوم في مرض (الإيدز)، والسرطان الاجتماعي يشبه تماماً السرطان البيولوجي في فوضوية النمو، فإذا أرادت خلايا أن تنمو كما يحلو لها وتزينها لها مصالحها الخاصة فإنها سوف تتورم، ولكن على حساب التدمير المشترك المضاعف لها وللمجتمع الذي تنتسب إليه، وكما يذهب الجسم المتسرطن بكل خلاياه (الورمية والسليمة) على حد سواء إلى القبر، كذلك الحال مع الجسد الاجتماعي المتسرطن حيث يدفع الصالحون قبل الطالحين فاتورة الانقراض الاجتماعي.
العلاج :
يتمثل علاج المرض في الراحة التامة للمريض بالإضافة إلى التمريض الجيد ، كذلك تناول المضادات الحيوية واسعة المفعول.
كإجراءات وقائية عامة ، يتم مكافحة القوارض والبراغيث من قبل الهيئات الصحية المسئولة ، للوقاية من انتشار المرض ومكافحته قبل ظهوره .الإجراءات الوقائية تجاه المريض:
العزل الإجباري للمريض في أماكن خاصة في المستشفيات حتى يتم الشفاء التام ، كذلك يجب تطهير إفرازات المريض ومتعلقاته والتخلص منها بالحرق ، ويتم تطهير أدوات المريض بالغلي أو البخار تحت الضغط العالي ، أيضا ًيتم تطهير غرفة المريض جيدا ًبعد انتهاء الحالة .الإجراءات الوقائية تجاه المخالطين:
يتم حصر وفحص كافة المخالطين المباشرين وغير المباشرين للمريض وفحص عينات من الدم ، وكذلك يتم تحصينهم باللقاح الواقي.
في حالات الطاعون الرئوي ، يتم عزل جميع المخالطين للمريض إجباريا ًلمدة عشرة أيام .
أما في حالات الطاعون الدملي والتسميمي فيتم مراقبة المخالطين لمدة عشرة أيام ترقبا ًلظهور أي حالات مرضية جديدة فيما بينهم
يؤكد الباحثون حديثاً بأن هذا المرض كان يظهر بشكل مفاجئ ثم يختفي. ولم يختفي هذا المرض إلا في القرن التاسع عشر، وفي القرن العشرين عادت الكثير من الأمراض التي ظهرت بسبب تفشي الفواحش من جديد.
وربما يكون أشهرها مرض الإيدز الذي يقتل ملايين الأشخاص في المناطق الأكثر فساداً في العالم. إذن يمكننا أن نستنتج حقيقة تاريخية وطبية وهي أنه بدأ مرض الطاعون بالتفشي لقرون عدة، ثم بدأت بعده أمراضاً لم تكن معروفة من قبل مثل الإيدز وغيره من الأمراض التي ارتبطت بالفواحش مثل الزنا والشذوذ الجنسي
يقول صلى الله عليه وسلم: (لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا) [رواه ابن ماجه]. إن هذا الحديث يمثل معجزة نبوية حيث يتحدث بوضوح عن مرض الطاعون، ثم عن أمراض وأوجاع لم تكن معروفة من قبل، وهذا هو مرض الإيدز خير شاهد على ذلك
لقد ربط البيان النبوي بين ظهور الفاحشة والإعلان بها، وبين الطاعون والأمراض التي لم تكن في الأمم السابقة، ومن خلال المعلومات التي رأيناها نستنتج أن ظهور الطاعون أولاً ثم الأمراض الجديدة التي لم تكن معروفة من قبل، يرتبط بكثرة الفواحش.
ي مرض الطاعون كابوساً مرعباً في الذاكرة الجماعية للجنس البشري، فلم يحصد مرضٌ عدداً من البشر مثل الطاعون، فهو الذي قوض دولاً بكاملها، وأفنى شعوباً بأسرها، ومسح مدناً من وجه الأرض، وصدع حضارات عظيمة، وبقي الناس يتذكرونه وهم يرتجفون من هول الفزع، وحَسِب الناس أن هذا المرض المرعب أصبح في كتب التاريخ نسياً منسياً، ولكن أحداث الهند الأخيرة حملت معها نبأ قيام هذا الغول من مرقده التاريخي، في وقت تحولت فيه الكرة الأرضية إلى قرية صغيرة تنتشر فيها الأخبار بسرعة الضوء ويسافر فيه الناس قريباً من سرعة الصوت. والآن ما المرعب في هذا المرض؟ ما هي قصته التاريخية؟ ما هي إنجازات الطب في التصدي له؟ بل ما هي فلسفة انتشار المرض عموماً؟ ولماذا تقفز أمراض إلى الواجهة بعد أن لم تكن شيئاً مذكوراً مثل الأمراض الجنسية في الإفرنجي والإيدز؟! دعنا نتأمل المرض خارج حلقة التهويل ودائرة الفزع،
الطاعون Plague مرض بكتيري معدي حاد ويُعد من مجموعة الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان.
ويُصنف كأحد الأمراض المحجرية الخطيرة التي تسبب أوبئة في حالة عدم السيطرة عليها.
الميكروب المسبب للمرض
فترة حضانة البكتيريا تتراوح مابين 1 - 7 أيام في حالة الطاعون الدملي والتسممي ،و مابين 2 - 4 أيام في حالة الطاعون الرئوي.
مصادر العدوى وطرق انتقالها :
ينقسم مرض الطاعون إلى ثلاثة أقسام أو ثلاثة أنواع تختلف طرق انتقالها وانتشارها من نوع إلى آخر:الطاعون الدملي
هو أكثر الأنواع حدوثا ً، ينتقل المرض بين القوارض كالفئران ، حيث ينتقل فيما بينها بواسطة البراغيث التي تسبب لها الوفاة ، وعند حدوث الأوبئة تنتقل هذه البراغيث من أجسام القوارض الميتة وتهاجم جسم الإنسان لتتغذى على دمه ، وتصبح معدية لعدة أشهر لاحقة.
الطاعون الرئوي
أكثر أنواع الطاعون خطورة لسهولة إنتقاله وانتشاره بين المخالطين للمريض خاصة في الظروف المناخية و البيئة الغير الصحية ، ينتقل عن طريق فضلات الشخص المريض إلى الشخص السليم.الطاعون التسممي
يشبه هذا النوع الطاعون الدملي في طرق انتقاله ، حيث ينتقل المرض بواسطة البراغيث من القوارض إلى الإنسان.
في القرن الرابع عشر في عام 1347 بدأ مرض جديد لم يكن منتشراً من قبل هو مرض الطاعون، بدأ بالانتشار في جنوب آسيا والصين وقتل أكثر من 75 مليون شخص وانتقل إلى أوربا، وقتل وقتها ثلثي سكان أوربا، وسمي بالموت الأسود .
ومع بداية عصر النهضة في أوربا بدأت ظاهرة الفساد الأخلاقي بالتفشي أكثر فأكثر، وبدأ الناس في دول الغرب يجاهرون بالمعاصي بشكل غير مسبوق، وكان ذلك في القرن السابع عشر الميلادي. ولذلك وبسبب كثرة الزنا والشذوذ الجنسي بدأ مرض الطاعون بالانتشار في مختلف أنحاء أوربا.
وبالطبع لا يمكن مقارنة ذلك العصر بما تعيشه اليوم أوربا من فساد أخلاقي، ولكن بدايات تفشي الفواحش بدأت مع القرن السابع عشر بسبب توافر أماكن خاصة للدعارة وانتشارها في أنحاء متفرقة من أوربا.
لقد كان هذا المرض إنذاراً إلهياً مرعباً، فقد أحدث خللاً كبيراً في حياة البشر، وفوضى لم يسبق لها مثيل من قبل.
كيف بدأت القصة
ؤكد العديد من علماء الغرب أنفسهم أن انتشار مرض الطاعون والذي حصد أكثر من عشرين مليون إنسان خلال أسابيع قليلة، يؤكدون أن هذا المرض إنما هو عقاب من الله بسبب فساد الأخلاق وتفشي الفواحش، ونؤكد عزيزي القارئ أن هذا كلامهم أنفسهم [1].
ويسبب الطاعون ألماً شديداً وحمى وورماً في الغدد اللمفاوية، ويسبب هذا المرض بقعاً حمراء على الجلد ثم تتجول إلى بقع سوداء مخيفة. ويشعر مريض الطاعون بالصداع والبرد في الأطراف، وتسرع في ضربات القلب، ثم يحدث نزيف تحت جلدي، ويسبب لطخات على الجلد، ثم يبدأ الجهاز العصبي بالانهيار، وتبدأ بعد ذلك الاضطرابات العصبية الغريبة والتي يتمايل منها المريض وكأنه يرقص رقصة الموت! وخلال عدة أيام يكون الجلد قد اسود وفارق المريض الحياة.
يقول الدكتور خالص الجلبى :
نت في زيارة لمتحف اللوفر بباريس مع صديق لي، وفي إحدى القاعات جمدنا أمام لوحة ضخمة جداً، رائعة الجمال، بديعة الألوان، لمرضى يموتون في شر حال وأسوء مصير، وعندما ازددنا فيها تحديقاً هتف زميلي الدكتور نبيل قائلاً: إنه الموت الأسود (الطاعون)LAGUE كانت اللوحة أكثر من رائعة، تجلت فيها عبقرية الرسام بألوانٍ ثابتة لم تؤثر فيها بعد يد الزمن، تناثر فيها مرضى (الطاعون) في قاعة كبيرة بين مفارق للحياة وآخر مستسلم لمصيره ينازع في سكرات الموت مربد الوجه قاتم الجلد من معاناة (الموت الأسود)، وثالث شاحب الوجه ممتقع القسمات مدَّ يده يطلب العون وما من معين!! في حين وقف القائد الفرنسي (نابليون بونابرت) بين جنوده في مستشفى (يافا) مقطب الجبين، عابس الوجه، خائر القوى، قد ركبه الهم وعلاه الإحباط واستولى عليه اليأس.
دمر الطاعون دولاً وأباد شعوباً ونكس حضارات وهزم وحده حملات عسكرية جبارة يقودها عسكريون محنكون لم تنفعهم حنكتهم في مواجهة هذا (الجنرال) المخيف .. الموت الأسود (الطاعون)!!
الأعراض والعلامات
يتميز مرض الطاعون بظهور الأعراض العامة للإصابة بالبكتيريا وكذلك أعراض مميزة لكل نوع من أنواعه الثلاثة، أما الأعراض العامه فتتمثل في ارتفاع درجة الحرارة ، الإعياء الشديد ، الرجفة ، آلام العضلات والمفاصل ، الغثيان وآلام الحلق والبلعوم ، اضطرابات ذهنية وغيبوبة
تم عرض خارطة تفصيلية في كتاب (انسكلوبيديا تاريخ العالم) عن الطريق الذي سلكه الطاعون أثناء انتشاره في أوروبا وتمت الإشارة إلى أن زناد الحريق الأول بدأ من شبه جزيرة القرم!! فما الذي حدث في ذلك التاريخ من مطلع عام 1347م؟؟
بدأ المرض مثل بؤر الزلزال الأرضي وحلقات التصدع في القشرة الأرضية يتحرك مع حركات السفن والموانئ وتكاثر الجرذان في أقبية السفن المتحركة، إلى مدن أوربا القذرة التي لا تعرف نظام التصريف الصحي، ولا نظام الحمامات الإسلامية ولا الوضوء ولا الاستحمام بل كانت تلجأ إلى إغلاق الحمامات!!
دمر الطاعون دولاً وأباد شعوباً ونكس حضارات وهزم وحده حملات عسكرية جبارة يقودها عسكريون محنكون لم تنفعهم حنكتهم في مواجهة هذا (الجنرال) المخيف .. الموت الأسود (الطاعون)!! وقف (الجزاَّر) حاكم عكا من فوق أسوار مدينته يضحك ملء شدقيه على نابليون وهو يجرجر ذيول الهزيمة، بعد أن كان يطمح في تناول لؤلؤة الشرق بيده (القسطنطينية) فنابليون كان يرى أن (استانبول) تصلح أن تكون عاصمة العالم الذي يطمع أن يعتلي عرشه، هذه المرة كان الجنرال (طاعون) بجانب حاكم عكا (الجزار) كما كان الجنرال (شتاء) بجانب الروس في هزيمة نابليون على أبواب موسكو بعد ذلك بثلاثة عشر عاماً (عام 1812م) يخبرنا التاريخ أن بونابرت بعد أن استولى على مصر في نهاية القرن الثامن عشر (1798م) تحرك نحو بلاد الشام في حملة عسكرية جديدة فاستولى على يافا وتابع طريقه إلى عكا، حيث حاصرها شهرين بدون جدوى ثم بدأ الطاعون يفتك بجيشه العرمرم فولى مدبراً ولم يعقب، وتنقل لنا كتب التاريخ هذه الفقرة: (( وجاء الجيش الفرنسوي إلى بلاد الشام بجراثيم الطاعون فانتشرت فيها واستفحل أمرها في حصار يافا .. ووصل بونابرت في 16 مارس (1799م) إلى مدينة عكا فلقي فيها مقاومة شديدة لم يكن يتوقعها، وجرح الجنرال (كافارلي) جرحاً مميتاً فطلب قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة أن تتلى على مسامعه المقدمة التي كتبها (فولتير) لكتاب (روح الشرائع) فاستغرب القائد الأكبر هذا الطلب .. وبعد حصار دام شهرين رأى بونابرت عدد جيشه يقل شيئاً فشيئاً من جراء اشتداد الطاعون عليه وفتكه به فتكاً ذريعاً .. حينئذ صمم على العودة إلى مصر بعد أن تقلص ظل المقاصد الواسعة التي كانت تجول في فناء جنانه، وتدور رحاها على قطب الشؤون الشرقية وتجعله يتنقل بالفكر من ضفاف السند إلى شواطئ البوسفور وقد قال فيما بعد: (( لو سقطت عكا لغيرتُ وجه العالم، فقد كان حظ الشرق محصوراً في هذه المدينة الصغيرة)) وفي 20 مايو صدر الأمر بالانسحاب، ووصلوا إلى يافا في 24 منه فكانت المستشفيات فيها تغص بالمرضى حيث كانت الحمى الوبيلة تحصدهم حصداً، فعادهم القائد الأكبر متفقداً أحوالهم، وقد بلغ التأثر منه حين شاهد ما صاروا إليه وما كانوا يشعرون به من العذاب .. وشاور بونابرت أصحابه في الأمر فقالوا له إن كثيرين منهم يطلبون الموت بإلحاح وأن مخالطتهم للجيش تكون وخيمة التبعة عليه وأن الحكمة والمحبة تقضيان بالإجهاز عليهم وتعجيل وفاتهم ساعات، وذكر بعضهم أنهم جرعوهم شراباً عجل موتهم. كان الجندي من حملة نابليون يتساقط من الضعف والإعياء وهو الشاب القوي الجلد الذي دخل مع بونابرت معارك لا تحصى، يسقط من عدو مجهول لا يراه ولكنه يشعر أنه دخل في دمه وعظامه وتمكن منه أيما تمكن!! كان يسقط وبسرعة صريعاً لليدين والجنب ؛ يغلي من الحرارة، في حالة هذيان من التسمم الدموي الرهيب، زائغ النظرات متشنج الأطراف مربد الوجه مكفهر القسمات يزحف إليه الموت بسرعة، ينفث قشعاً مملوءً بالدم، قد تغطى جلده بآفات نمشية وكدمات حولته إلى لون قاتم مسود ومن هنا جاء وصف الطاعون بـ (الموت الأسود)، فكأن ملك الموت جاءه يصبغه بالقار قبل قبض روحه! هكذا مات الملايين من البشر في أبأس وأشنع موتة عرفها الإنسان، وهذا يعلمنا حكمة الحياة: إن الحياة جميلة جداً ولكن الطبيعة تسحق الفرد بدون أن تبالي بنفس القدر من الحرص على المحافظة على النوع. إن هناك علاقة جدلية بين التاريخ والمرض، فكما تتفشى الأمراض مع الحملات العسكرية والحروب المجنونة، فإن انتشار الأمراض يصنع التاريخ بدوره، فيقود إلى النكسات العسكرية وتوقف الحملات الحربية على النحو الذي رأينا في حملة نابليون بونابرت، بل يقود إلى خلخلة الإمبراطوريات وتصدع الحضارات، وهو الذي لاحظه ابن خلدون حين كتب يؤرخ لسقوط الحضارة الإسلامية، وترافقه مع انتشار الطاعون الذي نزل في منتصف المائة الثامنة فتحيف الأمم وذهب بأهل الجيل، وجاء للدول فقلص من ظلها وأوهن سلطانها وتداعت إلى التلاشي: ((هذا إلى ما نزل بالعمران شرقاً وغرباً في منتصف هذه المائة الثامنة من الطاعون الجارف الذي تحيف الأمم وذهب بأهل الجيل وطوى كثيراً من محاسن العمران ومحاها، وجاء للدول على حين هرمها وبلوغ الغاية من مداها فقلص من ظلالها وفل من حدها وأوهن من سلطانها وتداعت إلى التلاشي والاضمحلال أموالها، وانتقص عمران الأرض بانتقاص البشر فخربت الأمصار والمصانع ودرست السبل والمعالم وخلت الديار والمنازل وضعفت الدول والقبائل وتبدل الساكن وكأني بالمشرق قد نزل به مثل ما نزل بالمغرب لكن على نسبته ومقدار عمرانه، وكأنما نادى لسان الكون في العالم بالخمول والانقباض فبادر بالإجابة، والله وارث الأرض ومن عليها وإذا تبدلت الأحوال جملةً فكأنما تبدل الخلق من أصله وتحول العالم بأسره وكأنه خلق جديد ونشأة مستأنفة وعالم محدث)) كان المرض المرعب يأتي بهجمات مزلزلة عبر التاريخ، ويعشش لعشرات السنوات، فيمسح مدناً بكاملها من خريطة الوجود، ثم يغيب في بطن التاريخ مرة أخرى، فلا يعرف الناس كيف جاء ولا كيف ولى وانقشع ظله الرهيب!!.جاء في كتاب قصة الحضارة لويل ديورانت تحت عنوان الموت الأسود ما يلي: ((ووباء الطاعون حدث مألوف في تاريخ العصور الوسطى، فقد أزعج أوربا اثنتين وثلاثين سنة من القرن الرابع عشر وإحدى وأربعين سنة من الخامس عشر، وثلاثين سنة من السادس عشر وهكذا تعاونت الطبيعة وجهل الإنسان ... ولعله جاء مباشرة من الشرق الأدنى بواسطة الجرذان الشرقية التي ترسو على مرسيليا وذهبت رواية غير محققة في ناربون إلى أن ثلاثين ألف ماتوا في هذا الوباء، وفي باريس خمسين ألفاً، وفي أوربا خمسة وعشرين مليوناً، وربما كان المجموع (ربع سكان العالم المتحضر) وعجزت مهنة الطب أمامه فلم تكن تعلم سبب المرض .. وأضعفت شدة الألم والمأساة عقول الكثيرين فأدت إلى أمراض عصبية معدية، ويبدو أن جماعات بأسرها قد جُنت مثل (الفلاجلان) الذين ساروا عام 1349م كما فعلوا في القرن الثالث عشر في طرقات المدينة عراة أو يكادون يضربون أنفسهم في ندم .. واستمع أناس بانتباه أكثر من المألوف إلى قراء الأفكار ومفسري الأحلام والعرافين والدجالين وغيرهم من المشعوذين، وضعفت العقيدة الصحيحة وانتشرت الخرافة، وأرجع حدوث الطاعون إلى أسباب عجيبة، فنسبه بعضهم إلى اتصال في غير أوانه بين زحل والمشتري والمريخ، وآخرون إلى تسميم المجذومين أو اليهود للآبار فَقُتل اليهود في حوالي خمسين مدينة )) .
ويبقى عام 1347م هذا المرض في الذاكرة الجماعية للتاريخ الإنساني شيئاً مخيفاً حقاً عندما نتصور سكان أوربا في حدود 80 إلى 100 مليون نسمة فيقضي نحبهم حوالي الثلث أو الربع، وتتصحر أوربا عملياً، بل وتعاني من إمكانية نقل التراث المعرفي للأجيال القادمة، وتحتاج إلى ما يزيد على مائتي عام كي تسترد عافيتها وعددها السكاني!!
من أين جاء هذا الوباء المخيف؟؟ كيف تولد ونشأ؟؟ هل من حادثة أيقظته؟؟ أو حرب أثارت حفيظته فقام يفتك بالناس؟؟ كيف انتشر كل هذا الانتشار في المعمورة يحصد أرواح الناس بمنجل لا يعرف الرحمة وكأن الناس في موعد مع حصاد هذا العالم؟!!
تم عرض خارطة تفصيلية في كتاب (انسكلوبيديا تاريخ العالم) عن الطريق الذي سلكه الطاعون أثناء انتشاره في أوروبا وتمت الإشارة إلى أن زناد الحريق الأول بدأ من شبه جزيرة القرم!! فما الذي حدث في ذلك التاريخ من مطلع عام 1347م؟؟
هناك في القرم حصلت معركة سخيفة بين التتار وقلعة تحصن بها جماعة من أهل البندقية الذين أسسوا مستعمرات لهم خارج إيطاليا، وتفشى الطاعون في التتار المحاصِرين فاعتراهم الغضب، فقاموا بشن أول حرب ( بكتريولوجية ) ربما في التاريخ الإنساني، حيث رموا بالمنجنيقات هذه المرة ليس الصخور والحجارة؛ بل الجثث المتعفنة المصابة بالطاعون؟!! فأصيب البنادقة بالرعب مرتين الأولى من مفاجأة الجثث وهي تتساقط على رؤوسهم والثانية من رائحة الموت المتفشية مع الطاعون، ففروا على وجوههم بسفنهم يحملون الموت إلى كل المرافئ التي وصلوها، وبذلك نشروا المرض في كل أوربا، فلم ينته عام 1352 م إلا وكانت مدن أوربا من البندقية وفرانكفورت وباريس ولندن وكراكاكو والدانمارك والنرويج قد طمها البلاء وقوضتها المصيبة، والطاعون ليس أكثر من مرض (الرشح) الذي ينتقل عن طريق التنفس والعطاس والسعال البسيط من الإنسان إلى الآخر، ولكنه يحمل الموت في أيام قليلة!!
وكما حملت السفن جرذانها، فإن الجرذان حملت في ظهورها البراغيث اللعينة، التي تحمل بدورها في دمها العصيات الغليظة مدورة الطرفين مسببة المرض والتي لا ترى إلا بالمجاهر مكبرةً آلاف المرات، والتي لم تكن لا أوربا ولا العالم قد سمع بها، وكان على العالم أن ينتظر طويلاً كي يبدأ الهولندي (لوفنهوك) بائع القماش صقل عدساته لرؤية العالم السفلي تحت أقدامنا، ولنكتشف القارة المجهولة التي تحيط بنا من كل صوب أقرب من حبل الوريد ولكن لا نبصرها. بل كان أمام العالم أن ينتظر كل القفزة العلمية الحديثة، فالموضوع ليس مجاهر تكبر فقط بل تقدم كامل في تقنيات حضارية متضافرة لإنجاز علم الحضارة الحالية.
ومع استفحال المرض تدفق المشعوذون من كل حدب وصوب واخترعت مئات الوصفات التي تزعم الشفاء من المرض، فلم يترك شيء غريب ومستهجن إلا وجرب للخلاص من هذا المرض الذي دخل الدم والأحشاء والعظام. كل أنواع النباتات والطحالب، نقيع لحاء الشجر، القذر والعذرة، غطس المرضى في دماء العجول المذبوحة، كتابة الرقي للأرواح والنجوم والكواكب، استخدام علم الفلك والجن والأرواح والأشباح، الفصادة والحجامة، الدوش البارد والساخن، مركبات اليود والبزموت والزرنيخ والزئبق، ضمادات الخردل والحشيش والأفيون، الحقن والزرع، وباختصار لم تبق مادة مشكوكة إلا وجربت ولا عصير أو مستقطر أو محلول أو نقاعة أو خلاصة أو مزيج إلا واستخدم للخلاص من هذا المرض الذي يسري في جسد ابن آدم مسرى الدم، واليوم يمكن السيطرة عليه بجرعة من السولفا أو الستربتومايسين أو التتراسيكلين الخ .. ولكن هذه المركبات هي عصارة أرضية رهيبة من التقنيات والتراكم العلمي .
لم يكن مرض الطاعون هو الوحيد في معركة الإنسان ضد الأمراض في التاريخ، فسلسلة الأمراض في هذا الموضوع لا تنتهي، بين الجذام الذي كان يفضي بصاحبه إلى الإعدام الاجتماعي، من خلال مزرعة عزل بشرية، أو الكوليرا التي كانت تنقل إلى المقابر آلاف الجثث في هامبورغ في نهاية القرن التاسع عشر، أو مرض الزهري (SYPHILIS مرض الحب الفرنسي) الذي عصف بالبشرية ما يزيد على أربعة قرون بدون معرفة المتسبب الأساسي في هذا المرض، وبالطبع كانت الأرواح والكواكب متهمة في إحداث هذا المرض، حتى كشف الغطاء أمام عيني ( شاودين ) في مطلع هذا القرن، ومن خلال تطوير المخبر والمجهر، الذي هو بدوره حصيلة القفزة العلمية برمتها، حيث رأى تلك (البريميات - اللولبيات الشاحبة) والتي تشبه حبل المعكرون الملفوف أو السلك الملفوف لفتح أغطية وسدادات الأوعية الزجاجية، ثم المثير في الوصول إلى الدواء من خلال رحلة رهيبة لا تصدق لاكتشاف الدواء النوعي الذي يخلص البدن من الجرثوم ولا يفعل للجسم شيئاً، كما حصل مع (باول ايلريش) في 606 من المحاولات كي يلوى مركب (الزرنيخ) حتى يصبح شافيا ًوبجرعة واحدة (مركب السلفارسان) وعندما أعطي اسمه (606) كان رمزاً للمحاولات المئوية المكررة قبل الوصول إلى الرصاصة السحرية لقتل الجرثوم!!
ان مرض الطاعون ( PEST) الذي يطل علينا بقرنه اليوم من القارة الهندية يعطينا حزمة من الحكم والأفكار والتأملات:
1- تقول الفكرة الأولى: إن هذا المقالة لا تستهدف الترويع، كما لا تبغي الاستخفاف، كل ما تريده وضع المرض في إطاره الطبيعي والتاريخي والإمراضي، بل والثقافي الحضاري، فهي إذن لم تكتب للأطباء والمتخصصين في المخابر أو المتبحرين في علوم المناعيات وجراحة الكروموسومات وفصائل الجراثيم وقبائل الفيروسات، بل هي كتبت بالدرجة الأولى من المنظور الثقافي والفلسفي ورفع مستوى الوعي. في مدى خطر هذا المرض ومعنى انتشاره بعد أن خاله الناس جميعاً أنه أصبح في ذمة التاريخ يرقد في بطون الكتب. وبالطبع يفتح هذا الباب أمام فلسفة انتشار المرض ويقظته من رقاده بعد كل هذا الهجوع عبر القرون، فإذا به مثل (دراكولا) ينهض شبحاً يمتص دماء ضحاياه ليحولهم إلى أشباهه (11) .
2- وتقول الفكرة الثانية: إن بعض الناس لا يتصورون طبيعة الحياة الشاقة التي كان الناس يحيوها فيما مضى، بل ويعشق بعضهم فيما لو أتيحت له (آلة الزمان) أن يدخل التاريخ، ليعيش حقبة يهواها؟! لنتأمل ذلك: لنتصور أن صاحبنا دخل فترة منتصف القرن الرابع عشر الميلادي حيث الطاعون يقصف الأرواح ولا أثر لصاد حيوي بسيط!! صداع بسيط بدون حبة أسبرين واحدة!! رائحة المدن القذرة بدون نظام التصريف الصحي!! مدن مظلمة في الليل بدون أبسط إضاءة!! المرأة تغسل بيدها كل شيء وبمواد تنظيف لا تكاد تذكر!! سفر طويل مرهق لأقرب مدينة يعلو الإنسان فيها الغبار والإنهاك وطرق محاطة باللصوص وقطاع الطرق!! تبتر الأطراف المصابة بضرب الإنسان على رأسه حتى يدوخ ثم تبدأ عملية القطع المرعبة ليتلوها بعد ذلك الكوي بالزيت المغلي!! (كان اكتشاف امبروز باريه طريقة الزهراوي في ربط الأوعية بدون غطس الطرف في الزيت المغلي تخفيفاً كبيراً ونصراً طبياً مبيناً)، التهاب الزائدة الدودية معناه الموت غالباً، وموت الأم الحامل مع جنينها أمر مكرر، شوارع موحلة وثياب ليس فيها رائحة الأناقة، وطرق موحشة.
هل لنا أن نتصور العكس أي لو أرسلنا صاحبنا إلى المستقبل أو لو أتينا بفرد من الماضي من أيام الطاعون ليُعافى بحقنة من صاد حيوي بسيط رخيص الثمن متوفر في أصغر صيدلية في قرية نائية!! إن صاحبنا لو ذهب إلى المستقبل فلن يعود لأنه سيعيش مع عالم خال من الحروب والمجاعات والاضطهاد يحقق الإنسان فيه ذاته وينسجم مع أخيه الإنسان.
3- وتقول الفكرة الثالثة : إذا كان الجرثوم ينتقل عن طريق التنفس على الشكل الذي سمعناه وهو شكل في منتهى الخطر وقاتل، فإن هناك طاعون اجتماعي لا يقل في خطره وينتقل أيضاً عن طريق الجهاز التنفسي، فكما انتقل هذا المرض PLAGUE عن طريق الرذاذ التنفسي، فإن الطاعون الاجتماعي ينتقل من الحبال الصوتية عبر الموجات الصوتية، الأول يستهدف الجهاز التنفسي، والثاني يتمركز في الجهاز الواعي العقلاني، الأول يدمر الصحة البيولوجية، والثاني يدمر الصحة النفسانية، الأول وحداته (عصيات يرسين) الغليظة سلبية التلوين والثاني (وحداته) الفكرة الضارة، الأول سهل بسيط بسبب أحادية المسبب، والثاني خطير أخطر من الفيروس الذي يتقلب في أنواعه بسبب تنوع أفكار التدمير، الأول سهل الكشف كما وصل إليه العالم( يرسين) و(كيتازاتو) والثاني صعب الكشف بل لا يطلب المصاب فيه إلى الكشف عنه لعدم شعوره أنه مريض؟! بل إن أعظم تحدٍ يواجه الإنسان ليس عالم (البيولوجيا) بل عالم (السيكولوجيا) لنوعية قوانينه التي لم يتوجه الاهتمام الإنساني بعد لاكتشاف ديناميكيتها، وإلا فكيف نقارن بين رؤية جرثوم تحت المجهر ورؤية طيف الحسد مثلاً، هل يمكن يا ترى لأي جهاز راصد أن يقيس لنا ( الطيف اللوني ) للحسد مثلاً، أو مدى توتر ذبذاته، أو كم وزنه، أو ما هي موجاته في الدماغ وكذلك الكبرياء والكذب والنفاق وحب الظهور والزعامة والانتفاخ المغرور، وهذا يوصلنا إلى أن (الطاعون الاجتماعي) أصعب في الضبط، وأفظع في الانتشار، وأرهب في الإصابة، وإلا ما معنى اغتصاب خمسين ألف امرأة في البوسنة بمن فيهن طفلة السبع سنوات وعجوز السبعين؟ ما معنى إبادة حضارة الأزتيك والمايا والإنكا؟ ما معنى ذبح مليون إنسان في راوندا؟ ما معنى تدمير كابول بأيدي أبنائها؟ أليس كل هذا مؤشرات لـ (طواعين) اجتماعية ؟؟
4- وتقول الفكرة الرابعة: إن القذارة مصدر العلل أياً كانت هذه القذارة، بيولوجية أم نفسية أم اجتماعية!! والقرآن أشار إلى كل هذه الانحرافات المهلكة، فطلب نظافة الثوب والبدن (وثيابك فطهر) وطهارة القلب والمسلك (وذروا ظاهر الإثم وباطنه) ونظافة المجتمع من الفساد (أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض)، واعتبر القذارة الاجتماعية سبب تدمير المجتمعات الداخلي (وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة)، وهذا يعني جهداً متواصلاً للحفاظ على وسط الطهارة، فالحياة تقوم على (وضع ديناميكي متحرك) وليس (وضع استاتيكي جامد)، الحياة تقوم على مبدأ (الصيرورة والتطور) وليس مبدأ (التوقف والجمود والتحنط)، فمع الموت تقف الحياة عن التشكل وإمكانياتها عن المتابعة، وهكذا على الإنسان أن يعيش في جو نظيف في كل مستوى، بالنظافة الدائمة لثوبه بالغسل، وبدنه بالحمام، وروحه بالصلاة وبالتنمية الجدلية للنقد الذاتي، ومجتمعه بالوعي المتقد والسلوك الرشيد والقدوة الحسنة وتفشي روح السلامية والحوار المثمر، والثقة بأن الكلمة كائن حي مؤثر، فيها قوة الاندفاع الذاتية في قدرة الإصلاح الاجتماعي.
5- وتقول الفكرة الخامسة: إن الكون الذي نعيش فيه تنتظمه قوانينه النوعية بدءاً من الذرة وانتهاء بالمجرة، فهي في مستوى البيولوجيا الجراثيم والأمراض والتوازن الهورموني والاستتباب المعدني والإحكام الفيتاميني، وهو في مستوى الذرة (ميكانيكا الكم)، وفي عالم المجرات (النسبية)، وفي النظام الشمسي قانون (الجاذبية والكهرطيسية)، وهكذا تمسك القوانين النوعية وجودنا بإحكام، فالإرادة الإلهية أقامت الكون على (النظام) و(البرمجة) و(الغائية) و(الجمال) و(الحق) (إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا)، ولم يكن الكون يخضع لـ (الصدفة) أو (الضرورة) أو(العبثية) أو(الفوضى). وإذا كان الأمر كذلك فإن الجاهل يدفع (فاتورة) المخالفات، فالتقي سوف تتحطم عظامه حين يسقط من شاهق مهما كان تقواه، والهنود سوف ينتشر عندهم (الطاعون) بسبب تفشي القذارة، ودفع الأوربيون ثمن الإباحية سابقاً في مرض الزهري والعقبول، ويدفعونها مع الأفارقة اليوم في مرض (الإيدز)، والسرطان الاجتماعي يشبه تماماً السرطان البيولوجي في فوضوية النمو، فإذا أرادت خلايا أن تنمو كما يحلو لها وتزينها لها مصالحها الخاصة فإنها سوف تتورم، ولكن على حساب التدمير المشترك المضاعف لها وللمجتمع الذي تنتسب إليه، وكما يذهب الجسم المتسرطن بكل خلاياه (الورمية والسليمة) على حد سواء إلى القبر، كذلك الحال مع الجسد الاجتماعي المتسرطن حيث يدفع الصالحون قبل الطالحين فاتورة الانقراض الاجتماعي.
العلاج :
يتمثل علاج المرض في الراحة التامة للمريض بالإضافة إلى التمريض الجيد ، كذلك تناول المضادات الحيوية واسعة المفعول.
الإجراءات الوقائية
كإجراءات وقائية عامة ، يتم مكافحة القوارض والبراغيث من قبل الهيئات الصحية المسئولة ، للوقاية من انتشار المرض ومكافحته قبل ظهوره .الإجراءات الوقائية تجاه المريض:
العزل الإجباري للمريض في أماكن خاصة في المستشفيات حتى يتم الشفاء التام ، كذلك يجب تطهير إفرازات المريض ومتعلقاته والتخلص منها بالحرق ، ويتم تطهير أدوات المريض بالغلي أو البخار تحت الضغط العالي ، أيضا ًيتم تطهير غرفة المريض جيدا ًبعد انتهاء الحالة .الإجراءات الوقائية تجاه المخالطين:
يتم حصر وفحص كافة المخالطين المباشرين وغير المباشرين للمريض وفحص عينات من الدم ، وكذلك يتم تحصينهم باللقاح الواقي.
في حالات الطاعون الرئوي ، يتم عزل جميع المخالطين للمريض إجباريا ًلمدة عشرة أيام .
أما في حالات الطاعون الدملي والتسميمي فيتم مراقبة المخالطين لمدة عشرة أيام ترقبا ًلظهور أي حالات مرضية جديدة فيما بينهم
يؤكد الباحثون حديثاً بأن هذا المرض كان يظهر بشكل مفاجئ ثم يختفي. ولم يختفي هذا المرض إلا في القرن التاسع عشر، وفي القرن العشرين عادت الكثير من الأمراض التي ظهرت بسبب تفشي الفواحش من جديد.
وربما يكون أشهرها مرض الإيدز الذي يقتل ملايين الأشخاص في المناطق الأكثر فساداً في العالم. إذن يمكننا أن نستنتج حقيقة تاريخية وطبية وهي أنه بدأ مرض الطاعون بالتفشي لقرون عدة، ثم بدأت بعده أمراضاً لم تكن معروفة من قبل مثل الإيدز وغيره من الأمراض التي ارتبطت بالفواحش مثل الزنا والشذوذ الجنسي
المعجزة النبوية
يقول صلى الله عليه وسلم: (لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا) [رواه ابن ماجه]. إن هذا الحديث يمثل معجزة نبوية حيث يتحدث بوضوح عن مرض الطاعون، ثم عن أمراض وأوجاع لم تكن معروفة من قبل، وهذا هو مرض الإيدز خير شاهد على ذلك
لقد ربط البيان النبوي بين ظهور الفاحشة والإعلان بها، وبين الطاعون والأمراض التي لم تكن في الأمم السابقة، ومن خلال المعلومات التي رأيناها نستنتج أن ظهور الطاعون أولاً ثم الأمراض الجديدة التي لم تكن معروفة من قبل، يرتبط بكثرة الفواحش.
ولا نملك إلا أن ندعو بأكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم قنا عذابك يوم تبعث عبادك) .
الحوت- عضو خيالي
- عدد المساهمات : 600
تاريخ التسجيل : 13/02/2011
المزاج : رايق ومفدور المرارة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الجمعة مايو 10, 2019 2:43 pm من طرف عائلة ابومصطفى
» من هو هذا الرجل ؟؟ والاهم لماذا يبكى هذا الرجل ؟
الأحد أغسطس 14, 2016 8:59 am من طرف عائلة ابومصطفى
» أم توافق على ممارسة ابنتها للزنا .. بشرط واحد فقط
الأحد أغسطس 14, 2016 8:58 am من طرف عائلة ابومصطفى
» تفاصيل جديدة ومثيرة عن عملية تل الربيع خلال الحرب
الأحد أغسطس 14, 2016 8:57 am من طرف عائلة ابومصطفى
» ويكليكس .. سيتم نشر وثائق تؤثر على كل دولة في العالم
الأحد أغسطس 14, 2016 8:57 am من طرف عائلة ابومصطفى
» في خرق جديد للتهدئة ..5 إصابات برصاص الاحتلال شرق جباليا
الأحد أغسطس 14, 2016 8:57 am من طرف عائلة ابومصطفى
» اصابات فى مهرجان طيور الجة فى خانيونس
الأحد أغسطس 14, 2016 8:57 am من طرف عائلة ابومصطفى
» شاهد أكبر وادي في المجموعة الشمسية
الأحد أغسطس 14, 2016 8:56 am من طرف عائلة ابومصطفى
» السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جذور وشجرة عائلة ابو مصطفى: جذور واصول عائلة ابو مصطفى والان شجرة
الأحد أغسطس 14, 2016 8:51 am من طرف عائلة ابومصطفى
» بعض امثال البدو
الأحد أغسطس 14, 2016 8:41 am من طرف عائلة ابومصطفى
» والعســـل يا شيخ ؟؟
الأحد أغسطس 14, 2016 8:39 am من طرف عائلة ابومصطفى
» [b] لاتحلف وانت كاذب..}} [/b]
الأحد أغسطس 14, 2016 8:39 am من طرف عائلة ابومصطفى
» رَبَاه لَوْ بَلَغَت ذُنُوبِيْ عَنَانْ السَمَاء ما " يئٍستْ " مَنْ رَحمَتَكْ .. !
الأحد أغسطس 14, 2016 8:39 am من طرف عائلة ابومصطفى
» نكت وطرائف
الأحد أغسطس 14, 2016 8:39 am من طرف عائلة ابومصطفى
» الاغماء : اسبابه ...ولماذا يحدث
الأحد أغسطس 14, 2016 8:38 am من طرف عائلة ابومصطفى
» الإسعافات الأولية عند الأطفال
الأحد أغسطس 14, 2016 8:38 am من طرف عائلة ابومصطفى
» [b][i]الموز يعالج الإمساك ومشاكل المعدة والأمعاء[/i][/b]
الأحد أغسطس 14, 2016 8:38 am من طرف عائلة ابومصطفى
» نصيحة طبية لمستخدمي النت...
الأحد أغسطس 14, 2016 8:38 am من طرف عائلة ابومصطفى
» وصفه بسيطة لالتهاب اللوزتين
الأحد أغسطس 14, 2016 8:36 am من طرف عائلة ابومصطفى
» معلومات هامه عن فيتامين
الأحد أغسطس 14, 2016 8:36 am من طرف عائلة ابومصطفى
» يضعف الحيوانات المنوية..ونشربه عن منشط
الأحد أغسطس 14, 2016 8:36 am من طرف عائلة ابومصطفى
» المصطلحات والمفاهيم العرفية للمطالبة بالحقوق
الأحد أغسطس 14, 2016 8:35 am من طرف عائلة ابومصطفى
» صفآت ألآنسأن في ألقرأن
الأحد أغسطس 14, 2016 8:35 am من طرف عائلة ابومصطفى
» حُـكْـمُ التَّـوسُّل بِجَاهِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم
الأحد أغسطس 14, 2016 8:34 am من طرف عائلة ابومصطفى
» فوائد الخيار
الأحد أغسطس 14, 2016 8:33 am من طرف عائلة ابومصطفى
» وزارة الصحة تصدر قراراً بمنع تداول ثلاث أصناف من الأدوية من سوق الدواء الفلسطيني
الأحد أغسطس 14, 2016 8:32 am من طرف عائلة ابومصطفى
» عائلة ابو مصطفى، ديوان عائلة ابو مصطفى، مدونة عائلة ابو مصطفى، نحو عائلة متماسكة، عائلةابومصطفى، عائ
السبت أغسطس 13, 2016 10:38 am من طرف عائلة ابومصطفى
» انشودة عنا رجال كتائب القسام 2014
الجمعة يوليو 11, 2014 10:19 am من طرف عائلة ابومصطفى
» القسام ينشر اول فيديو لكوماندوز بحري - مكس نيوز - 17-3-2014
الجمعة يوليو 11, 2014 10:17 am من طرف عائلة ابومصطفى
» اضرب اضرب تل ابيب 2 الجزء الثاني - شادي البوريني - قاسم النجار 2014
الجمعة يوليو 11, 2014 10:14 am من طرف عائلة ابومصطفى
» المجزرة مستمرة : 24 شهيدا بعد منتصف الليل واليوم والحصيلة 75 شهيدا حتى الان :
الخميس يوليو 10, 2014 1:51 am من طرف عائلة ابومصطفى
» اهم اخبار فلسطين اليوم الخميس 2014/7/10 , اخر اخبار الغارات الاسرائيلية علي قطاع غزة اليوم الخميس 20
الخميس يوليو 10, 2014 1:48 am من طرف عائلة ابومصطفى
» فضائل شهر رمضان
الثلاثاء يوليو 01, 2014 10:48 am من طرف عائلة ابومصطفى
» نفحات رمضانية
الثلاثاء يوليو 01, 2014 10:46 am من طرف عائلة ابومصطفى
» 230 طفلا فلسطينيا يقبعون في سجون الاحتلال
الجمعة أبريل 04, 2014 3:32 pm من طرف عائلة ابومصطفى
» إسرائيل تزيل سور الصين العظيم
الجمعة أبريل 04, 2014 3:29 pm من طرف عائلة ابومصطفى
» اخطر جواسيس التاريخ
الخميس أبريل 03, 2014 3:26 pm من طرف عائلة ابومصطفى
» فلسطين
الخميس أبريل 03, 2014 3:17 pm من طرف عائلة ابومصطفى
» حصريا :: الفيلم الوثائقي,, العلم والاسلام ,, بأجزاؤه الثلاثة كامل بجودة عالية و بحجم 452 ميجا فقط عل
الجمعة أكتوبر 04, 2013 4:58 am من طرف عائلة ابومصطفى
» حصرياّ Sphinux 0.1 Cheops RC2 32-bit أول نظام تشغيل مصرى 100 % بمجموعة برامج واضافات رهيبة بحجم 3.35
الجمعة أكتوبر 04, 2013 4:56 am من طرف عائلة ابومصطفى
» كيف نستقبل رمضان | خطبة الجمعة للشيخ محمد العريفي
الثلاثاء يوليو 16, 2013 9:42 am من طرف عائلة ابومصطفى
» خطبة الجمعة :: الشفاعة يوم القيامة :: الشيخ محمد العريفي
الثلاثاء يوليو 16, 2013 9:41 am من طرف عائلة ابومصطفى
» الحياة في القبور | خطبة الجمعة د.محمد العريفي
الثلاثاء يوليو 16, 2013 9:39 am من طرف عائلة ابومصطفى
» كل عام وانتم بخير
الأربعاء يوليو 10, 2013 8:15 am من طرف عائلة ابومصطفى
» بدي ترحيب من احلا اعضاء
الجمعة يونيو 28, 2013 1:33 pm من طرف عائلة ابومصطفى
» تهنئه بالزواج
الجمعة يونيو 28, 2013 1:17 pm من طرف عائلة ابومصطفى
» درس تعلمته
الجمعة يونيو 28, 2013 9:44 am من طرف عائلة ابومصطفى
» اختبر ذكائك
الجمعة يونيو 28, 2013 9:41 am من طرف عائلة ابومصطفى
» احصل علي افضل شكل لسطح المكتب مع برنامج XUS Launcher 2.2.0 Professional Edition : تحميل مباشر
الجمعة يونيو 28, 2013 9:37 am من طرف عائلة ابومصطفى
» جوالك عالصامت
الثلاثاء مارس 26, 2013 6:58 am من طرف عائلة ابومصطفى
» أسماك "وطواط البحر" الفريدة تغزو شواطئ غزة
الإثنين مارس 25, 2013 3:24 pm من طرف عائلة ابومصطفى
» بنات هالجيل
الإثنين مارس 25, 2013 3:22 pm من طرف عائلة ابومصطفى
» التسجيل والتحديث لبطالة الخريجين عبر موقع وزارة العمل
الخميس فبراير 07, 2013 8:54 am من طرف عائلة ابومصطفى
» وظائف مدرسين في الوكالة 2012-2013
الخميس فبراير 07, 2013 8:52 am من طرف عائلة ابومصطفى
» البطش: لن نسمح للتهدئة ان تستمر في ظل استمرار اضراب الاسرى - رسالة إلى عباس وهنية
الأحد يناير 27, 2013 12:14 pm من طرف زائر
» جامعة الأقصى بغزة تلزم طالبتها بارتداء الزي الشرعي
الأحد يناير 27, 2013 12:09 pm من طرف زائر
» تفاصيل مخطط "دحلان" الذي كشفه الأمن الداخلي
الأحد يناير 27, 2013 12:04 pm من طرف زائر
» بعد 7 سنوات .. شارون يستفيق ويتعرف على أبنائه
الأحد يناير 27, 2013 12:01 pm من طرف زائر
» الجهاد تدعو لمسيرة الانذار نصرة للأسرى
الأحد يناير 27, 2013 11:59 am من طرف زائر
» حصريا :: الفيلم الوثائقي ,,معالم اثرية عملاقة - الاهرامات,, بحجم 120 ميجا فقط و بجودة عالية على اكثر
الأحد يناير 27, 2013 11:53 am من طرف زائر
» هياكل أثرية عملاقة
الأحد يناير 27, 2013 11:52 am من طرف زائر
» بناء علي طلب الاعضاء : الاصدار الاخير من لودر تفعيل الويندوز Windows Loader v2.2 : تحميل مباشر
الأحد يناير 27, 2013 11:45 am من طرف زائر
» افضل ثيمات وخلفيات ويندوز سفن السمراء Black Windows Theme For Windows 7 : تحميل مباشر
الأحد يناير 27, 2013 11:41 am من طرف زائر
» تجميعة لجميع اصدارات فوتوشوب مع شرح عربى ومجموعة اضافات عملاقة وجديدة Photoshop Collection 2013 تحمي
الأحد يناير 27, 2013 11:39 am من طرف زائر
» تجميعة لجميع اصدارات فوتوشوب مع شرح عربى ومجموعة اضافات عملاقة وجديدة Photoshop Collection 2013 تحمي
الأحد يناير 27, 2013 11:39 am من طرف زائر
» كيف يصطاد الرجال اللؤلؤة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الجمعة يناير 11, 2013 9:38 am من طرف زهرة البنفسج
» بالصور انطلاق (مسيرة الزهور) في ولاية كاليفورنيا
الإثنين يناير 07, 2013 3:21 am من طرف زائر
» بالصور ديربي الفيلة
الإثنين يناير 07, 2013 3:04 am من طرف زائر
» أروع صور الطبيعية من ناشونال جيوغرافيك
الإثنين يناير 07, 2013 3:00 am من طرف زائر
» سيارة بورش Sport Turismo concept
الإثنين يناير 07, 2013 2:55 am من طرف زائر
» رسائل قد لا تجدها في بريدك
الإثنين يناير 07, 2013 2:52 am من طرف زائر
» مفاهيم الحياة ... بالصور
الإثنين يناير 07, 2013 2:48 am من طرف زائر
» تفحيط سيارة خطير وفي قمة الروعة
الإثنين يناير 07, 2013 2:45 am من طرف زائر
» اغرب 10 طرق للتعامل مع الموتى في العالم
الإثنين يناير 07, 2013 2:40 am من طرف زائر
» فشل القلب Heart Failure
الإثنين يناير 07, 2013 2:37 am من طرف زائر
» الفرق بين مهرجان حماس وفتح بغزة
الجمعة يناير 04, 2013 7:47 am من طرف عائلة ابومصطفى
» عاااااجل/ فتح تنهي فقرات مهرجان الانطلاقة بسبب خلافات ومشاكل فنية بالصوت
الجمعة يناير 04, 2013 7:45 am من طرف عائلة ابومصطفى
» مهرجان إنطلاقة حركة فتح في قطاع غزة والضفة والتصريحات المصاحبة لها.
الجمعة يناير 04, 2013 4:17 am من طرف عائلة ابومصطفى
» تهئنة بالمولود 1.1.2013 للاخ تفكير فتح تفكير ابو مصطفى
الخميس يناير 03, 2013 5:51 am من طرف omaar
» لعبه توم وجيري
الأربعاء يناير 02, 2013 2:17 am من طرف عائلة ابومصطفى
» مسجات السنة الجديدة 2013 رسائل عبارات معايدة بالعام الجديد 2013
الإثنين ديسمبر 31, 2012 9:15 am من طرف عائلة ابومصطفى
» انشودة العين تذرف دمعها كالذلالي 2013 mp3
الأحد ديسمبر 30, 2012 10:17 am من طرف عائلة ابومصطفى
» ثلاث شباب وجدوا فتاة ضائعة ..ماذا فعلوا بها !!!
الأحد ديسمبر 23, 2012 2:18 pm من طرف عائلة ابومصطفى
» سأله : أيهما أنظف؟ قدمي أم وجهك؟
الأحد ديسمبر 23, 2012 2:15 pm من طرف عائلة ابومصطفى
» بعض النصائح
الأحد ديسمبر 23, 2012 5:02 am من طرف عائلة ابومصطفى
» شباب وشافوا بنت وش بيصير؟
السبت ديسمبر 22, 2012 1:28 pm من طرف عائلة ابومصطفى
» ههههههه دكاتره الجامعه
الجمعة ديسمبر 21, 2012 2:48 pm من طرف برنسيسة المنتدى
» خاص بالمتقدمين لوظيفة مدير مساعد ( وكالة الغوث ) هنا عرض لأسماء المدراء المساعدين المؤهلين للمقابلة
الجمعة ديسمبر 21, 2012 12:30 pm من طرف عائلة ابومصطفى
» صور..أطفال غزة... يدهشون "طيور الجنة"...وهم ينشدون سوياً...!!!
الجمعة ديسمبر 21, 2012 12:25 pm من طرف عائلة ابومصطفى
» والخلاف يتجدد...بين الكتيبة الخضراء والصفراء ...حول الفاعل والمفعول ...!!!
الجمعة ديسمبر 21, 2012 12:19 pm من طرف عائلة ابومصطفى